...
...
...
...
...

أسئلة شائعة:

09/01/2014

ضناويعلى العالم التحرك العاجل لمنع هدم الأقصى وتهويد القدسأدان د. محمد علي ضناوي رئيس اتحاد المؤسسات الإسلامية في لبنان في بيان

اِقرأ المزيد...

 

04/11/2013

مهما قيل في صاحب السماحة مفتي طرابلس والشمال، الدكتور الشيخ مالك الشعار، ومهما اخْتَلَف حوله وعليه الناس وأهل السياسة والدينيون، فإنّ سماحته يشكل بصمة خاصة، ويتمتع بميزات عدة،

اِقرأ المزيد...

 
12/10/2013
د. محمد علي ضناوي

 إخواني وأخواتي الحجاج:

ها أنتم تلبّون دعوةَ الله إليكم، وقد تركتم الأهل والولد، والمال والبلد، وخرجتم لحجِّ بيته الكريم، وهو أوّل بيت أُسّس لله في أرض الله تسألونه عنده فيعطيكم،

اِقرأ المزيد...

 

13/08/2013

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 ذكريات من رمضان الطفولة والفتوة...أواسط القرن العشرينلرمضان في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ذكريات لا تمحى من ذاكرتي، كلها تضج بالفوائد والفرائد ما يجعل استعادتها من الزمن البعيد، غاية في ذاتها تفرح النفس وهي تحكي للأجيال وبعضها مرتبط بالواقع زمانا ومكاناً.
 
 
1 ـ لعل أول تلك الذكريات ذلك الصراع العميق والعنيف بآن معاً، في نفس طفل لم يتجاوز الخمس أو الست سنوات، فقد كنت صائما والجو حار جدا والجوع والعطش قد أخذا مني كل مأخذ. فحملت خلسةً كوباً من الماء وشيئاً من الخبز ولذت خلف "كومة"من الفراش كجاري عادة ذلك الزمان، مختبئاً خلفها وهممت بالشرب، غير أن صوتا في نفسي صاح بي: لا تفعل... فإن الله يراك ، أعدت الخبز إلى طبقه والماء إلى "البِرْكَة" التي لها معي قصة أخرى.لا ريب أن مثل هذا الصراع ينشأ لدى كثير من الأطفال والكبار ايضاً وهو في حال الانتصار أو الانكسار مدرسة ترعى وتصقل "الضمير" خاصة إذا ما جُبِرَ الانكسار بالتصميم على عدم العودة إلى ذلك وهي عين التوبة.
2 ـ كان في دارنا بركة صغيرة مربعة ضلعها متر واحد عليها (حنفية) تضخُ دوماً (بماء رشعين) الباردة مما يجعل ماءها دائما باردا كالثلج وكان الأهل يستخدمون تلك البركة لتبريد الفواكه كالبطيخ ...، ويضعون ما لا يطفو في سلة من قصب أو دلو من نحاس يتدلى في ماء البركة، ولك أن تتخيل كيف أن اللعاب يزداد في فم طفل صائم، في حالة العطش والجوع، يرى الطيبات الممنوعة عنه قبل الإفطار فلا يجد أمامه إلا أن يلهو بها في بركة الماء البارد حيث يظهر المشمش والدراق والعنب تارة والبطيخ الأحمر الذي يغدو كرة خضراء تهبط في (البركة) وترتفع كلما مستها اليدان الناعمتان للطفل فيجد نفسه يصرخ ويدعو إخوته لمشاركته هذا اللعبَ الجميل لكن سرعان ما يأتيه النهي من جدته أو احد أبويه أو إخوته الكبار فيخرج من اللعب مع فوز أكيد. فيداه باردتان من ماء "رشعين" العذب وهذا وحده كاف لتعويض بعض العطش بينما يبقى مدفع الإفطار الأمل يداعب عقل الطفل الصغير.
3 ـ وعندما غدوت في مرحلة الطفولة الأخيرة بات بإمكاني مشاركة إخوتي وأترابي من الجيران والنزول إلى "الحارة". وهناك نشاط مختلف إذ إن العادة كانت تقضي أن يحمل كل منا تفاحة مزينة أو مزدانة بحبات "كبش القرنفل" تفوح منها رائحة نفاذة تنعش نفس الطفل الصائم وكأنها تقول له: للصوم رائحته الخاصة وهي تلك التي تنبعث من القرنفل المغروس في جسد التفاحة الخضراء.
4 ـ وإذ كنا نلتقي تحت (قبوة الطرطوسي) بجانب الجامع المنصوري الكبير كنا نحن الأطفال نتنافس في صناعة شراب السوس ويتباهى احدنا بأن إخوته ووالديه ينتظرون (شراب السوس) يخرج من بين يديه الصغيرتين وهما يشدان على فوطة مليئة بعيدان السوس الرطب وسط ماء بارد فيتحول الماء إلى شراب السوس الذي لا يزال رمزا من رموز أشربة رمضان إلى جانب التوت والخروب. 
يتطور الأمر، في الأيام التالية، ليأتي احدنا بعد الإفطار بقنينة من السوس ويشترط علينا أن نعطيه عددا من عجوة المشمش لقاء فنجان صغير من (شراب سوسه) الناجح جداً. وهكذا بتنا جميعا نجهد في بيوتنا لجمع عجو المشمش ويحرص أحدنا على أكل المشمش ان لم يجد عجزاً في البيت أو يقنع إخوته بمنحها له ليتمكن من تذوق الشراب الشهي.
5 ـ رمضان كان في أعيننا ولا يزال، ولله الحمد، شهراً مميزاً لم نكن نعرف قدره ولا ثواب صيامه وتراويحه وكان الوالد رحمه الله يحرص على اصطحابنا نحن أبناؤه إلى المسجد المنصوري الكبير  القريب من بيتنا لتأدية الصلاة، وكنت شغوفاً بالاستماع لمجموعة مؤذنين يصعدون إلى أعلى المئذنة خمس مرات في اليوم فيقف كل منهم بين أعمدة قناطرها استعداداً لإعلان الأذان جميعا وبصوت واحد بينما كان يقف عند غرفة (الأثر الشريف) في صحن الجامع، المؤقِّتُ الشيخ ناصر ميقاتي (شفاه الله) ونظرُه شاخصٌ إلى ساعات الغرفة وما أكثرها، فإذا ما دخل وقت الأذان أعطى الإشارة بيده فوراً إلى المؤذنين فإذا بالأذان يشق صمت الفضاء بالتكبير، وفي رمضان يضاف إلى هذا المشهد الإيماني الجميل إطلاقُ مدفعي الإفطار والسحور من قلعة طرابلس المشرفة عل المدينة والمسجد الكبير ، فالمدفعجي ينتظر هناك كلمة (الله اكبر) حتى يطلق مدفعه المجهز ليدوي في أرجاء المدينة معلناً الإمساك في الفجر والإفطار عند الغروب.أذكر يوماً أن أذان المغرب قد رفع خطأ من مؤقت المسجد الشيخ ناصر بدقيقتين ولمّا تغب الشمس بعد وأُطْلِق المدفعُ وأفطر الناس ثم تبين للمؤقت خطأه فأعلم مفتي المدينة الشيخ كاظم ميقاتي فطلب سماحته من المسلمين صيام يوم بديل بعد العيد باعتبارهم قد فطروا قبل المغيب، ورافقت الفتوى ضجة عند الناس بين مؤيد ومعارض وقابل ورافض...بينما انا الطفل الصغير اسمع ولا افهم إلا أني كنت متهيباً من صيام يوم إضافي بعد العيد.
6 ـ اكتنز الجامع المنصوري الكبير في ذاكرتي الرمضانية مشاهد كثيرة وعديدة. وكثيراً ما كنت ، بعد أن بلغت الفتوة، اذهب إلى صلاة الفجر منفردا والى صلوات الظهر والعصر والعشاء والتراويح... وكنت اقصد عند الظهيرة الاستماع إلى الشيخ عبد الكريم عويضة الذي كان يجلس على السدة الخشبية الأرضية الواقعة أمام المنبر والمحراب وتحت السدة العليا حيث يجلس المؤذون لرفع أذان إقامة الصلاة وللتبليغ بتكبيرات إمام الصلاة، كان رحمه الله شيخا جليلاً مهاباً، بلحيته وعمامته البيضاوين، يتحدث عن أحكام الصيام والصلاة والزكاة وقبلها جميعاً الطهارة ونواقض تلك الأركان وبوضوح كامل وبيان شامل مستخدماً أسلوب تقريب المعاني ولا ينسى الأمثلة والنوادر والقصص والأحاديث الشريفة وأقوال العلماء الخ....وبعد العصر كان الشيخ صلاح الدين أبو علي المبعوث الأزهري الأول الذي جاء طرابلس أواخر الأربعينات ومكث فيها طويلا وخرَّج أجيالا من الرجال والنساء، كان رحمه الله يجلس عصر كل يوم من أيام رمضان ويستند إلى عمود الجامع الشرقي وامامه طاولة خضراء  وخلفه رواق النساء، فقد كان قماش أبيض يفصل ركن النساء عن المسجد عند بابه الشرقي فيصلي فيه النساء ويستمعن إلى دروس الشيخ صلاح الدين فقد كان (رحمه الله) محبوباً من أهل البلد يتزاحمون على استماعه، وكنت أنا الفتى الصغير اجلس بين الجالسين منصِتاً إلى الدروس والعبر وتفسير القرآن، أحملق بهذا الرجل العالم الكبير الذي آتاه الله بسطة في الجسم والعلم لا يكف، وهو الصائم، عن فيض الكلام وبصوت جهوري وباللهجة المصرية احياناً. ولا أنسى ما حييت، وقد نقلت ما سمعت وشاهدت إلى أجيال ممن عاصروني أو تتلمذوا علي أو خطبت فيهم ودرَّست، فقد كان الشيخ صلاح الدين رحمه الله عندما يشرح قوله تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) يرفع صوته بالآية ويكررها وهو يضع كفيه قرب إبطيه محركا أصابعه ناصباً وجهه إلى الأعلى قائلا: (إنني من المسلمين) أي شرف هذا وأية عزة تلك حسبك أيها المسلم أن تفاخر الدنيا انك مسلم وكفى... مسلم يلتزم بالإسلام قولا وعملا وسلوكاً ومنهج حياة..) لم أكن لأفهم كامل كلامه ولم أدرك مراميه، إلا أنّ الحركة التي قام بها وهو يفسر الآية، منحتني كل الفهم والإدراك بأن المسلم عليه أن يفخر بإسلامه ويعلنه ويعتز بذلك. يمكننا أن نعيش عمق هذا المشهد إذا أدركنا أن فترة عصيبة كانت تسيطر على شباب العرب في ذلك الحين، ومنه طرابلس، تميزت تلك الفترة بأطروحات مناقضة للإسلام وفشت بعض ملامح الإلحاد وراحت القومية بمفهومها التعصبي والانتمائي والشيوعية والبعثية والقومية السورية والاشتراكية، علاوة على الانسلاخ عن الأخلاق لا الإسلامية فحسب بل الأخلاق عامة ايضاً، فإذا بالميوعة تدب في أوساط الشباب وكذا التناحر والتصادم في المبادئ والأفكار والفلسفات، وسط هذا الجو المشحون كان الشيخ صلاح الدين أبو علي، طيب الله ثراه، يصدع أن الانتماء إلى الإسلام فخر وعزة وشرف وكبرياء...ودونه باطل وذل وارتماء في النار!!.لا اكتم قولا أني إذ اسمع الشيخ صلاح، انتابني شعور ترى إذا ما كبرت أأجلس مكان هذا العالم واحدث الناس؟؟! ومضت الأيام والسنون وحقق الله جانباً من أمنيتي فجلست المجلس نفسه متطوعاً ولا زلت شابا في العشرينات من عمري بعد ظهر أيام محددة من رمضان، أفسر جانب من سورة الإسراء فتحدث عن اليهود وضلالاتهم مقارناً بها أوضاعنا الصعبة وكيف أن يهود هذا العصر يهددون المسجد الأقصى لكن سينالهم بإذن الله عقوبة اشد من عقوباتهم التي نالوها في التاريخ السحيق.وعلى منبر الشيخ عبد الكريم عويضة وقفتُ ظهر الخامس والعشرين من رمضان وكنت فوق الخامسة والعشرين من العمر خطيباً،  عن ذكرى معركة (عين جالوت) العظيمة وقد احييناها ولأول مرة في تاريخ طرابلس ولبنان وربما العرب كان الجامع يزدحم بالمصلين حيث خطبت بهم لأكثر من ساعة ونصف حول أحداث المعركة ونتائجها وبطولات القائد المظفر قطز الذي زحف بجيوشه من مصر لمواجهة التتار والمغول في معركة حاسمة تحت نداء (وا اسلاماه) أطلقته زوجته البطلة جلنار على صهوة جوادها تشجع المجاهدين منادية : (ألا لا نامت أعين الجبناء!! إسلامكم أيها المجاهدون يناديكم...) وانتهت المعركة بالانتصار الكبير بعد أن استشهد السلطان قطز وزوجته جُلَّنار وانتصر الإسلام!!!.وضمن ذكريات المسجد المنصوري الكبير كنت ادخله من رواقه الغربي عند غرفة (الشعرات) الأثر الشريف فأرى عددا من الفراش يطوى وبعض الأغراض بجانب كل فرشة ولما سألت أعلموني وأنا فتى صغير أن هذه الأعيان لرجال يعتكفون في العشر الأخير من رمضان وفهمت أن الاعتكاف سنّة نبوية ينقطع فيها المعتكف عن داره وأهله ويتفرغ للعبادة في عشر رمضان الأخير حيث فيها ليلة هي أعظم الليالي ثواباً وقدراً وهي خير من ألف شهر... ولا اكتم هنا أيضاً أن ذكراها لا تزال تتقد في نفسي حتى أذن الباري ومنَّ علي باعتكاف في مسجد الأبرار الذي كان لي شرف الإشراف على بنائه في أبي سمراء وهو احد مباني مجمع الأبرار التابع لبيت الزكاة والخيرات ـ لبنان ولله الحمد والمنة.للمسجد المنصوري أيضا ذكريات أخرى منها حلقة ختم القرآن حيث كان يجتمع علماء وحفظة فيتلون في كل يوم بعد صلاة العصر أو قبيل المغرب جزءا من القرآن وهكذا يختمون القرآن في الشهر يجتمع إليهم نفر من المصلين يستمعون إلى تلاواتهم أو يتابعون القراءة معهم في المصاحف انه المشهد الإيماني العميق تحس معه أن الملائكة تحف الحاضرين وعيون الناس تتسمر في وجوه الحفظة وهم يرتلون وكأن أحدهم يتلو في قرطاس. والحمد وإن لم يوفقني الله حتى اليوم أن أكون حافظاً إلا انه أكرمني بتفسير أجزاء وبعض الآيات من القرآن ، كما أكرمني بأن جعل لي حفيدين من ابنتي ولم يتجاوز أولهما الثانية عشرة والثاني العاشرة وقد حفظا القرآن كاملا وله الحمد في الأولى والآخرة .أما غرفة (الأثر الشريف) في المسجد الكبير فلي معها قصة طريفة أخرى فقد كنا نحرص على شهود إخراجها وتقبيلها وهي في يد مفتي طرابلس الشيخ كاظم ميقاتي ، يقف بعد صلاة فجر الجمعة الأخيرة من رمضان خلف قاطع خشبي اخضر مزخرف ويخرج من صندوق حديدي في جدار القاطع علبة مخملية فيها قارورة وفي داخلها شعرة من "شعر النبي" الكريم r كان أهداها السلطان عبد الحميد الثاني إلى طرابلس لما للمدينة من مكانة في قلبه وقد بادلَتْه طرابلس الفيحاء التقدير والحب له ولدولة العثمانيين باعتبار استانبول مركز الخلافة الإسلامية. وكنت أنا الطفل الفتى (أقبلها) كرة أخرى بعد ظهر الجمعة من اليوم نفسه حيث كان المفتي يعيد عرضها في جو إيماني عبق حيث يرفع المتزاحمون أصواتهم بالصلاة على النبي rواستمر هذا المشهد لسنوات وطرابلس تنتظر يوم الجمعة الأخيرة من رمضان بكثير من الفرح والبهجة والصلاة على الرسول حتى إذ بنا في إحدى المرات ما قبل عام الستين من القرن الماضي نتعرف على شاب نشط هو (سعيد شعبان جراد) في جماعة (عباد الرحمن) وقد تخرج من الأزهر الشريف وراح الأخ سعيد يحدثنا عن البدع وأن تقبيل ما يعرف بشعرة الرسول على افتراض صحة النسب إليه لون من ألوان الشرك وبدعة في الشرع . وبينما كان المصلون فجر الجمعة يستعدون للتقبيل، وقد أخرج مفتي طرابلس ( العلبة) من الصندوق الحديدي إذا (بالأخ سعيد شعبان) يقف إلى جانب نافذة الغرفة وعليها خشب مضلع مقطع إلى مربعات جميلة، ممسكاً بالخشب يرفع صوته مخاطبا المفتي : (يا شيخ كاظم هذه بدعة حرام عليك.. هذه بدعة وموضه منكرة) إلا أن الناس هاجوا عليه وكان مع المفتي مجموعة من شباب إطفائية بلدية طرابلس فتحركوا وحاولوا إسكات (سعيد) إلا انه رفض وراح يعلو بصوته فانهالوا على يديه بالضرب ليترك خشب النافذة وإذ فعل نقلوه بعيداً عن غرفة الأثر عاد الناس إلى رفع أصواتهم بالصلاة على النبي المصطفى العدنان وقد ازدادت عندهم الحمية والرغبة في التقبيل مستنكرين "التبديع" الغريب عن المدينة والمسيء إلى النبي عليه الصلاة والتسليم .تأملت المشهد المثير عن بعد غير أني ملت إلى الأخ 0سعيد شعبان) خريج الأزهر الذي لم يجن من إنكاره إلا الضرب والأذى وربما بسببهما أشفقت عليه ساعتئذ ورحت اسأل نفسي أين يكمن الابتداع والاتباع وهل "تقبيل" شعر النبي إن صح أنها من شعره الكريم منكر أو بدعة، جائز أم لا؟ وهل طريقة الأخ سعيد أولى بالاتباع أم أن ضررها أكبر من نفعها؟ إن أمثال تلك الطروحات لا تزال تضج في مختلف ساحات الفكر الإسلامي يشهد عليها ما يجري على أرض الإسلام من طنجة إلى كابول غير أن من المفارقات اللافتة ان (الأخ سعيد شعبان) أصبح في الثمانينات أميراً على طرابلس بقوة السلاح قائدا لحركة "التوحيد"، بينما تقبيل الأثر الشريف استمر دون اعتراض بالرغم انه كان "خطيب" المسجد المنصوري بقوة "الأمر الواقع" أيضا..!!.
7 ـ ومن العودة إلى رمضان في الطفولة والفتوة في منتصف القرن العشرين نجد بعض الذكريات منها أن المدينة تضج بالطبل لإيقاظ النائمين إلى السحور تحت شعار (يانائمين وحدوا المولى قوموا إلى السحور) وهي عادة لا تزال الى يومنا هذا وفي النصف الثاني من رمضان تبدأ همروجة "الوداع" تجوب شوارع المدينة ليلا "مودعة" رمضان وسط أهازيج وطبول وقرقعة الدفوف يحملون الفوانيس المضيئة بينما ينشد أحدهم الأناشيد الدينية وكنا ونحن صغار ننتظر مجيء (الوداع) وكنا نوفر له بعض القروش والفرنكات فرحا به لنسمع منه الطبل والدف وأغانيه التي لم أكن افهمها ثم أقوم بدفع ما (وفرت له).
8 ـ كانت هناك عادة طرابلسية جميلة انقرضت الآن أو كادت فقد كان والدي رحمه الله يحمل إلينا عند وقت السحور اللحمة المشوية والكفتة في أرغفة ومعه كمية من اللبن وذلك في آخر سحور من رمضان يوقظ أفراد العائلة ويقول لنا الآن هذا هو السحور الأخير لهذه السنة وان شاء الله تتسحرون سنوات عديدة . وكنا نتحلق حول (الطبلية) على الأرض ونأكل بشهية كيف لا واليوم لحمة مشوية للسحور الأخير!!!. وسط فرحة العائلة منها الجدة والوالدان وسائر الاخوة والاخوات.
30/05/2013
رسالة أخيرة قبل فوات الأوان سماحة المفتي: استقلْ قبل أن تُقَال...‏19‏ رجب‏، 1434= ‏28‏/05‏/13للدكتور محمد علي ضناوي.
الشيخ محمد رشيد قباني أمينُ فتوى بيروت، هو غير الشيخ محمد رشيد قباني مفتي الجمهورية اللبنانية في السنوات الأخيرة.عرفناه تقيا ورعا يحب الخير ويلتزمه، ويهتم بمصالح المسلمين العليا وينافح عنها، وأذكر عندما زرته في بيته المتواضع في بيروت ــ عند تسميته قائما بأعمال مفتي الجمهورية، باعتباره أمين الفتوى في بيروت ــ كان حريصا على الشورى، مرجّحا رأي ما توافق عليه المسلمون، مُفضّلاً الوحدة على الفرقة، داعيا إلى تفضيل المصلحة العامة على الخاصة.
في أوائل التسعينات، ضمّني اجتماعٌ حضره الرئيس شفيق الوزان، والرئيس رشيد الصلح، والوزير جميل كبي في منزل الأول، كان موضوعه التداول في وضع الإفتاء، وأنّه لا يجوز أن يستمرَّ منصب مفتي الجمهورية شاغراً مشغولاً بالوكالة. غير أنّ الاختلاف بالرأي ساد الموقف فلم ينتصر بعضُهم للرأي الذي قلته، بأن الرجل (محمد رشيد قباني) وإن كانت تنقصه الخبرة في الأمور العامة، إلا أن هذه مما تُكتسب، خاصة إذا توفرت له بطانة صالحة، فالصفات الأساسية الأخرى تلازمه ويلتزمها، وآخرها أنه من بيروت، والعرف يقضي بذلك.ويوم التقينا الرئيسَ الشهيدَ رفيق الحريري، سألَنَا وسألناه متى تنتهي القائمقامية في دار الفتوى، ويصبح للدار مفتٍ أصيل، هو الدكتور محمد رشيد قباني؟ أجاب، رحمه الله،: (الناس لم يتفقوا عليه، ولا زالوا مختلفين)... ثم كانت لنا مداخلة، يبدو أنّ الرئيس قد اقتنع بها. فما هي إلا أشهر معدودات حتى تمت إجراءات لم نكن موافقين عليها، حيث اختُصِرت الهيئة الناخبة في يوم واحد، ودعيت إلى انتخاب "المفتي" ثم أصبح أمينُ الفتوى القائم مقام مفتياً للبنان.وعندما بايعه جمهور المسلمين في أيام التهنئة، في دار الفتوى، التقيناه مع وفد كبير من طرابلس، قدّمنا له تذكاراً، مصحفاً كبيراً، رمزاً للعهد الذي بيننا وبينه، على أن يلتزم ما فيه من مبادئ وقيم، أولها: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وثانيها (وشاورهم في الأمر)، وثالثها (وتعاونوا على البر والتقوى)، (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) .. وبعينين دامعتين حمل مفتي الجمهورية الجديد المصحفَ وقال: (هذا عهدي لله ولكم وللمسلمين: عامتهم وخاصتهم، أن أسير على مبادئ القرآن، لا أحيد عنها ما حييت). ولا يلومنّ أحد موقفنا القديم فنحن لا نعلم الغيب (وما كنا للغيب حافظين) يوسف. سارت الأيام والسنون، وهو يحاول أن يَترقّى في فهم القيادة وممارستها وهو على رأس الهرم، ضمن منطق الترتيب والتطوير والخطأ والصواب. ثم أخذ مبادرات كبرى في كثير من الأمور. وكان من أبرزها التزامه الموقف الإسلامي الجامع، و (ثورته) المباركة في وجه مشروع الزواج المدني المقرّ في مجلس الوزراء، والمرفوض من الرئيس الشهيد وخمسة من الوزراء... فإذا بالمشروع ينام في أدراج الرئيس الحريري رحمه الله بعد رفضه توقيعه، ولعل هذه من أكبر حسناته وأعظمها. وإذ استشهد الرئيس الحريري بأيدي الغدر والتآمر، وقف مفتي الجمهورية وقفة مشهودة، وكذا الأمر عند انتصاره لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ضد من اعتصموا وأحاطوا بالسراي الكبير. كما أن التزاماته بنظام المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في كثير من الاحيان، كل ذلك جعله، في قيادته العامة، مقبولاً، على أمل المزيد .غير أن التعديل في المرسوم 18، والذي أدى إلى تصغير الهيئة العامة لمجلس الانتخاب، عدّل أيضا ولاية مفتي الجمهورية ومفاتي المناطق. وبعد أن استقر على سدة الإفتاء، اشتدت عليه فكرة مدى الحياة كولاية تراود مخيلته، وبسببها تتالت سلسلة أخطاء في مواقفه. وولج في آراء وممارسات جعلته في حالة تصادمية مع الأكثرية الساحقة من المسلمين، وغدا مكسر عصا على طائفته بدل أن يكون لطائفته. وكان ذلك بنصيحة الذين وجدوا مصلحة لهم في ركوب موجته (واحتلال الدار)، بينما هو راح  يستسلم لهم بعد أن كانوا ضد مسيرته الصادقة يوم كان رأسها.وظن مفتي الجمهورية، أو هكذا أوحت له بطانته الجديدة، أن (الآخرين) أيّاً كانوا، لن يجرؤوا على مخاصمة مفتي الجمهورية ولا حتى إقالته. وانه إن ثبت في وجه الجميع وتحدى، كان له نصيب (الأسد). علماً أن (الأسد) لن تكون له حصة، فهو مستبد ملعون لا يملك إلا السوء والهدم والقتل والخراب، ويراهن على من هو عدو للأمة.وقع المحظور في الطائفة، ودخل مفتي الجهورية في حرب مع مجلسه الشرعي، وهو المجلس الأعلى للطائفة، وراح لا يستجيب لأية دعوة للتفهم والتفاهم. ثم ذهب بعيداً في تفريق الكلمة، متشبثاً بألفاظ وحيثيات يرفض بها (الاتفاق) ويصر على الخلاف، واستمر في رفض الاستجابة للنداء تلو النداء الصادر عن قيادات ومسؤولين، ليكون عامل وحدة لا تفرقة، كما عاهد يوم تهنئته بالإفتاء، وفي يده القرآن. وتطورت الخلافات ليكون القضاء الإداري اللبناني والجزائي ساحة خصومات  المفتي من جهة المجلس الأعلى، ورئاسة الحكومة من جهة أخرى. ثم لما صدرت القرارات لغير مصلحته أعلن أنه لا يلتزم بأي قرار قضائي، ولا يلتزم بقرارات المجلس الشرعي القائم. بينما استمر إصدار  تعيينات لموظفين على غير القواعد والأصول، ثم وقع في فخ انتخابات (المجلس الشرعي بالتزكية) وهميةٍ وصُوَرية وباطلة، لمجلس شرعي يؤيده في خطواته رغم قرار مجلس شورى الدولة.وأخيراً، توَّج قراراته الباطلة بإنهاء خدمات بعض مفاتي المناطق وتعيين آخرين في مهزلة أضرت بالطائفة أيما إضرار، خاصة بعد أن كادت دار الفتوى في صيدا تشهد سفكاً للدماء لولا الموقف الحكيم لمفتيها الشيخ سليم سوسان وحكمته. ثم نال من مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، داعية البقاع وشخصيته الفكرية والدينية الأولى فأقاله وكذا عدد من المفتين بأسلوب كيدي وانتقامي واضح، علماً أنه لا يملك هذه الصلاحيات. وأخيراً صدر عن مجلس شورى الدولة قرار بإبطال قرار المفتي قباني في تعيينه مفتٍ لعكار وآخر للبقاع، وستكر السُّبحة على الآخرين...وتتابع المفاجآت، ليُطلّ سماحته صباح الإثنين 27/5، ليتحدث (إلى اللبنانيين) عن الانتخابات النيابية وقانون الستين والتمديد، فيرفض ويحذر. ثم يتحدث عن صاروخين مدانين أطلقا على جانب من الضاحية الجنوبية من مجهولين بشكل مستفيض، ثم يخصّ طرابلس بموقف، بعد أن سكت أكثر من عشرة أيام عن بدء الجولة السادسة عشرة الأخيرة، والتي قصفت بصواريخ ومدفعية لا بصاروخين فحسب، وسقط فيها أكثر من 30 قتيلاً ومئات الجرحى، مع تدمير كبير في المباني والاقتصاد والصحة والتعليم. وقد فوجئ المراقبون، أن سماحة مفتي الجمهورية لم يتكلم مطلقاً عن حزب الله في إعلانه الانضمام للقتال منذ أشهر بجانب الأسد، وإعلانه بدء حربه الضروس ضد القصير وأنحاء سوريا، وأنه مشارك بقوة في قتل الأطفال والنساء والأبرياء، وتوتير المنطقة برمتها. فيبدو أن سماحته لم يسمع خطاب السيد الذي سبقه بـ 36 ساعة، ولم يسمع بهجمة "السيد" على إخوة المفتي المسلمين (السنة)، وكأن الأمر لا يعنيه. مما يُفضي إلى شبه قناعة أن سماحته بات محكوماً بإملاءات، ما كنا نظن أنها نالت منه إلى هذا القدر المخيف. ونحن في غمرة هذا السياق القاسي، وظروف البلد تشتد صعوبة، لا بد لنا من التوقف عند مفرق كبير، هو أنّ مفتي الجمهورية يمثل المسلمين ولا يمثل نفسه، ويمارس صلاحياته باسمهم لا باسمه. وعليه،بداهة، أن يحترم آراءهم وينافح عن مصالحهم العليا. وإذ نقض عهده ووعده وبدّل وغيّر، فيكون هو مسؤولاً عن نكوله. وقد سبق أن دُعي، منا ومن غيرنا من قادة الرأي والمسؤولية، إلى إعادة النظر في قراراته وتصرفاته، فرفض. وكنا نظن أنه سيعود عن الخطأ وينيب  ويستغفر، لكنه أبى وأصر، وصار وجوده على رأس الطائفة أكثر ضرراً من إقالته، وهو ما لا نتمناه له، بل نتمنى أن يحتذي بما فعله مفتي الجمهورية الشيخ محمد علايا رحمه الله، عندما طُلب إليه أن يستقيل فاستجاب مشكوراً واعتزل. وجاء على رأس دار الفتوى القاضي الشهيد الشيخ حسن خالد رحمه الله وطيب ثراه، فأثرى الدار وأعطاها العلو والقوة. أما إذا أراد سماحته أن يستطلع أخبار رؤساء الطوائف الأخرى، باعتباره يتمتع بذات المزايا والبروتوكولات، فإنّ له بالبطريرك صفير (قدوة حسنة)، فقد طُلِبَ منه أن يستقيل، وهو في قمة تألقه في الدفاع عن لبنان ومسيحييه، فاستجاب واستقال، وبقي متابعا لشؤون البلد والطائفة كعضو أصيل ناشط إلى جانب بطريركها الجديد الراعي. لكل ما سبق يا سماحة (المفتي الأكبر): اصغِ إلى كلمة سواء، نحن في لبنان في وضعٍ خطرٍ علينا وعلى لبنان وبلاد الشام والأمة جمعاء، فلا يجوز أن تبقى هكذا، خيارُك في مكان آخر، وهو خيار ضد المسيرة والأمة والمصالح العليا للمسلمين، وبتنا جميعاً في الطائفة، ولبنان وبلاد الشام بحاجة إلى مفتٍ جديد. فلك يا صاحب السماحة أن تختار بين الاستقالة أو الإقالة.لكننا ندعوك إلى الاستقالة بإرادتك، فإنّ الناس جميعاً ــ كما تظن ــ لن يتألموا إن أُعفيت من مهامك أو أُقِلتَ من منصبك، غير ان بذلك ستكتسب السابقةَ الأولى في تاريخ الإفتاء في لبنان (الإقالة) وعلى نفسها تكون قد جنت براقش..بكلمة : استقلْ قبل أن تُقال وتذهب إلى......ولا حول ولا قوة إلا بالله.
11/06/2013
أبو بكر كما كان يُكنّى، زهير الشاويش رحمه الله رحمة واسعة، شخصية إسلامية مرموقة، داعية نبيه، محقق بليغ، وناشر للعلم بكرامة ،عالِم عَرَف زمانه واستقامت طريقته. حتى كاد يُعرف بأسلوبه الخاص، وقراءته البصيرة، وتحليله العميق، وفهمه الدقيق، ونظره الثاقب، وسياسته الحكيمة، وجهاده المبرور، وحنكته ودرايته، ودُعابته وطُرفته، وخلافه واختلافه، وهدوئه وغضبه، وكرمه ومحاسنه،... وعفوه وتشدُّده الى أن يظهر حقُّه... هو أمة، أكاد أجزم، أنه وحده، لكثرة صفاته وأعماله، وخصاله وأفعاله، ومناقبه ومحامده، في أسلوب مميز ومنهج خاص.
 
1 ـ رجل من أهل الشام، رابَطَ في حيِّ الميدان بدمشق قاتل الفرنسيين واليهودَ على أسوار القدس وفي فلسطين. وقبل ذلك وأثناءه وبعده درس وتلقّى، وأبحر ودقق. كان مكتبه في "الحلبوني"، الزقاق الهادئ في قلب دمشق، محطةً للوافدين ولطلبة العلم، وللراغبين في الاطلاع ورصد الثقافة الإسلامية المتجددة. يقصدون، في "الحلبوني"، ارتشاف الحليب الصافي الذي يخرج من بطون الحقيقة ناضحاً بالبيان، يستقيه من رحيق القرآن والسنة المطهرة ،ومن أقوال الفقهاء والعلماء، في العقيدة الصحيحة، والفقه الرصين، والحديث الأثير، والعلم المنير، والتاريخ غير المغلوط ،والقراءة غيرالمبهمة، والعطر النادر الفواح من كل أبواب علوم الإسلام .
2ـ ومن "الحلبوني"، الزقاق الفرح بالعطاء ،إلى مجلس الشعب في برلمان ما بعد الانفصال، ليُثْبِتَ الشاويش، مع أخويه، الخطيب والعطار، أنّ الرجال الرجال لا يُغَيِّرون مفاهيمهم السياسية كلما تقلّبت الأمور أو انقلبت الموازين... بل يصمدون على إيمانهم بثوابتهم ومبادئهم. أين منهم سياسيو هذا الزمان، وان كانوا قادةً في حركات ومنظمات!!!.
3 ـ ومن عمق دمشق إلى رابية الحازمية في بيروت قُرب "الصيّاد" .وكأنه باختياره ذلك المكان ، أراد أن يؤكد مهارته في الصيد الثمين، واختيار المناسب من واحات برِّ العلم، ومن أعماق بحار المعرفة. فكان المكتب الإسلامي أو كان الشاويش هناك، منارةً في وسط ليس وسَطَها، وفي ظُلْمَةٍ لا تضيء بنورها... لكن حسبُه أن صمد في الحازمية، مرابطاً في حرب أهلية شرسة لم تُبقِ ولم تذر، ومع ذلك بقي مع مكتبته الكبرى، ولله الحمد لله، سليماً معافى. وهي المكتبة النادرة في مخطوطاتها وطبعاتِ كتبها القديمة والحديثة... وقد وضعها رحمه الله، دون تردد ولا منّة، في خدمة طلاب العلم والمعرفة.وكان فوق ذلك يغار عليهم، فيُرشدُهم ويُرشِّدُهم وكأنه المشرف على أطروحاتهم والمناقش لها.
4 ـ بفضل الله، ثم بفضل سياسته وفطنته وذكائه ، غدا لبنانياً من الطراز الأول. فانضم إلى المجتمع اللبناني مؤثر فيه وفي مقاماته، وفي جمعياته ومنظماته، راغباً في الجمْع، مندداً عند الاختلاف، متفهماً لوجهات النظر، ناصحاً بأمانة واضحاً في مرونة. وبقي... أبو بكر الشاويش رحمه الله في كل فنونه وتنقلاته، بين أقطار العروبة والإسلام، محتضناً ثلاثة لا يتخلى عنهم: الكتاب فلا يدعه ،والعلم فلا يتركه، والتقدير والاحترام لمن التقاهم فعرفهم ثم أحبهم.
5 ـ ومع أننّي عاصرتُ الشيخ زهير، ودافعتُ عنه أمام القضاء اللبناني في أواسط الستينات من القرن الماضي،مع زملائه قادة الحركة الإسلامية: عصام العطار، وعمر بهاء الأميري، والدكتور الشاوي، لما أودِعُوا، سجن الرمل بأمرٍ من المخابرات المصرية آنذاك، .. فوجدته،كما إخوانه، قوياً بحقه، غير هياب بالمجريات، مدركاً أنّه المنتصر في النهاية ومن معه. وكان ما كان. وإذا به أحد أعلام لبنان، كما هو احد أركان العلم في بلاد الشام والعالم الإسلامي، فانحسر الباطل وخسر، وصمد المحقق الفقيه العالم المجاهد على أرض لبنان وربح.
6 ـ لم ينسَ أبو بكر رحمه الله، إخوانه في المؤسسات الخيرية الاجتماعية والصحية والفكرية. وان أعجبْ، فعجبي تجشّمه متاعبَ الانتقال من الحازمية إلى طرابلس، قبل مغيب شمس يوم احتفال بيت الزكاة الخيري في رمضان، فلم يمنع أبا بكر، رحمه الله، مرضٌ ولم تقعد به حيلة، بل شدَّه حبُّ الخير وأهله، ليشارك البيت، شرف الإفطار مع المحسنين ومجموعةٍ من الأيتام، ثم بعد ذلك يسمّي مِنْ زكاته وخيراته نصيبا يلهمه  الله عليه.
7 ـ روى الإمام أحمد عن رسول الله r: (لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان). فكيف إذا كان عمله في مكتب لنشر الكلمة والفكرة والأسلوب ،كما هو حال مكتب أبي بكر الشاويش..في الحازمية ببيروت، ومن قبله في "الحلبوني" بدمشق، يدفع بمئات وآلاف العناوين إلى المكتبة الإسلامية، منها الكتب الصغيرة، وبعضها مجلدات ضخمة ،ولكلّ فيها، للشاويش مقدمة للكاتب والكتاب، فيكشف بعض المضامين أو يعلق عليه، مخالفاً أو موجِداً فيه علة تقْدحه، لكنه مع ذلك يقوم بنشره احتراماً للرأي الآخر، إلا إذا ما مسّ معلوماً من الدين بالضرورة.ومن مقدمات كتبه التي نشرها أو حققها أو عُرف بها، كانت مجلداتُه الثلاثة. ومقدماته تلك ليست ترفاً فكرياً أو تمهيداً واجباً، بل هي منهج في العلوم المختلفة ،يكاد قارئها يرى فيها معالم أساسية لعلم الحياة الإسلامية الزاخرة بحضارة سامقة ، وعلم وفقه وسياسة ودراية، وأخلاق وفهم رشيد .وكأن زهيراً رحمه الله، أصرَّ أن يمسك بالقارئ، ينتقل معه من محطة إلى أخرى، يدله على الطريق ويضيء له السبيل.
8 ـ ومع ذلك كله لم يشعر أبو بكر، رحمه الله، أنّه فوق الخطأ.فقد أدرك أنّ الخطأ كائن لا محالة... خاصة وأن الإنسان في الحياة معرض للخصومات والمجادلات، والاختلاف أو الموافقات، ولكلّ من ذلك أدبُه .لكن هيهات هيهات أن ينجو المرء من مظنَّة أو تُهمة، أو قذْفٍ أو فرية. وهيهات أن يتحمل فوق الطاقة ولو كان متمتعاً بالحلم قادراً على الصرعة، مالكا لزمام نفسه ... فأعجبني أبو بكر، رحمه الله، حين قال في مقدمته لطبعة (ضعيف سنن النسائي) نقلاً عن الإمام الشافعي: (هذه الكتب التي ألّفتُها وأنا اعلم أنّ فيها غلطاً ولو عرفته لأصلحته ولكن أبى الله العصمة لغير كتابه). فعقّب الاستاذ أبو بكر على كلام الشافعي (وهذا أحسن ما قدرنا عليه وأننا على استعداد للرجوع إلى حق إن ظهر لنا أو نُبْهِنا إليه). ولعمري فذاك هو موقف العلماء، يقولون ما عندهم، ويعلنون الأوبة إلى الحق إن جانبوه، وهو المعْلَمُ الأكبر من معالم أدب الخلاف والجدل والاختلاف. ويمكنني أن أقول اختصاراً: إن كان ابن خلدون المؤرخ والفيلسوف والعالم عُرِف بمقدمته في علم الاجتماع لكتابه في "تاريخ الأمم"، فإن أبا بكر رحمه الله عُرف وسيُعرف بمقدماتِه المتميزة، في علوم القرآن والتفسير والسُّنة المطهرة والفقه والعلم والفكر ومستجدات حياة القرنين العشرين والواحد والعشرين.
9 ـ مهما قلنا في أبي بكر رحمه الله، فإننا نعجز عن الإحاطة بمحطاته المختلفة، وبحياته المديدة. ولن يحيطه إلا سجله الذي ينشره ربه، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وقلبُ زهير ـ رحمه الله ـ كان قلباً كبيراً مليئاً بالإيمان، ترجمهُ إلى أعمال صادقة. فليهنأ بإذن الله بمقام منير عند المقتدر المليك.
30/05/2013
ضناوي : نستنكر بشدة الاعتداء على الجيش وندعوه إلى حماية حدود الوطن.
إننا إذ نتقدم من قائد الجيش ومن عائلات الشهداء بأصدق التعازي نعتبر أن جرائم الاعتداء على الجيش يجب أن لا تمر دون تحقيق عادل وشفاف و إنزال اشد العقوبات بالمعتدين. 
الجيش حامي الوطن وسياجه ويجب أن تلتف حوله جميع الأطياف اللبنانية غير أن الجيش أيضا عليه أن يلتزم بتوجيهات رئيس الجمهورية وقرارات الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى ويبسط الأمن في الداخل ويحمي الحدود فلا يجوز أن يمر عليها مسلحون بآلياتهم وعناصرهم وسلاحهم دون أن يتصدى لهم الجيش حامي الوطن ويمنعهم.مكتب الإعلام 
Top

اشتراك بالقائمة البريدية

البريد الالكتروني*:
الاسم*:

اتصل بنا


  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.